بالصور .. فضيحة تضرب محامي حقوق الإنسان الدولي جيفري نايس

كشفت وثائق مسربة عن فضيحة تورط فيها جيفري نايس، محامي حقوق الإنسان البريطاني الذي كان يشغل منصب المدعي العام الرئيس في المحكمة الجنائية الدولية لجمهورية ليوغوسلافيا السابقة.

لعب نايس طوال حياته المهنية دورا جوهريا في نشر المعلومات بطريقة موجهة أحادية المنظور بعيدا عن الموضوعية نيابة عن الحكومة البريطانية من خلال استهداف الدول الشرقية باتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان.

وتجلى ذلك خلال السنوات الاولى من الحرب على سورية في محاولته توريط الرئيس السوري بشار الأسد في الإبادة الجماعية للأيزيديين التي ارتكبها تنظيم الدولة الإسلامية، في حين وجه أيضاً اتهامات بانتهاكات حقوق الإنسان إلى روسيا والصين وإيران.

وفقاً للوثائق المسربة فإن نايس اختلس عشرات الآلاف من الدولارات من منظمته غير الربحية المسجلة في هولندا، مؤسسة جيفري نايس (GNF)، عن طريق تسليمها إلى عشيقته الدكتورة نيفينكا ترومب.

وتظهر التحويلات المصرفية المسربة أنه تم تحويل ما مجموعه 96 ألف يورو من حساب المؤسسة إلى حسابات الدكتورة نيفينكا ترومب الخاصة على مدى ثلاث سنوات.

وكانت التحويلات في البداية بمبلغ 2000 يورو كل شهر بين شباط 2020 ونيسان 2021، ولكن بعد ذلك تضاعفت إلى مبالغ مقطوعة قدرها 16000 يورو في أيار 2021، ثم إلى 24000 يورو في كانون الثاني من سنتي 2022، و2023.

ولكن، تمت إعادة التحويل الاخير إلى حساب المؤسسة، فيما يبدو أن ترومب اضطرت إلى استرداد الأموال فور اكتشاف الطبيعة المشكوك فيها للتحويلات.

بعد ذلك صُنفت التحويلات على أنها أجور مقابل “خدمات استشارية” و”دروس خصوصية”. ونظرا لأن ترومب عضو في مجلس إدارة المؤسسة، فإن هذه الأرباح تتعارض مع القوانين الهولندية المتعلقة بالمنظمات غير الربحية، لا سيما فيما يتعلق بسحب المبالغ المقطوعة لأنه لم يكن هناك وصف تفصيلي لسبب هذه النفقات.

ثم حاولت المؤسسة التسترعلى اختلاس الأموال حيث كشفت التسريبات من اجتماع بين مجلس إدارة المؤسسة، والذي يضم جيفري نايس ونيفينكا ترومب وأمينة الصندوق سونيا بيسيركا، أنهم ناقشوا كيفية تجنب المحاسبة القانونية للتحويلات واتخذوا قرارا بإعادة تصنيف المدفوعات على أنها قرض لمؤسسة التمويل الدولية.

بدأت علاقة جيفري نايس ونيفينكا ترومب في عام 2002 عندما عملت كمساعدة أبحاث له في المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة، على الرغم من أنهما كانا متزوجين ولديهما أطفال.

وفي عام 2016، قامت ترومب ونايس بشراء فيلا في جزيرة أوجليجان في كرواتيا، وكانا يأملان أن تكون بمثابة ملاذ شخصي ومصدر لتحقيق مكاسب مالية نظرا لمكانتها كمنطقة جذب سياحي راقية. ولاحقاً، أصبحت الفيلا بمثابة استنزاف مالي بعد أن أدى فيروس كورونا إلى شلل القطاع السياحي حول العالم..

ولربما دفعت هذه المشاكل المالية الزوجين إلى اللجوء إلى أساليب غير أخلاقية لاكتساب المال. ففي رسالة إلكترونية غاضبة ويائسة أرفقت بالوثيقة المسربة، اتهم نايس ترومب بتجاهل مكالماته في محاولة لتجنب سداد مبلغ 75 ألف يورو.

تكشف الوثائق أيضا أن نايس دفع مبلغ آخر قدره 250 ألف يورو لترومب كقرض مقابل الفيلا التي طلبت منه إعادة تصنيفها كهدية. ومضى في توبيخها لعدم الاعتراف بمساهماته في أطروحة الدكتوراه الخاصة بها، بينما تراجع عن ذلك لاحقا في محاولة لتجنب لفت انتباه زوجها المسن، هيلك ترومب، إلى علاقتهما.

لم تكن تلك المحاولة الاولى للزوجان في تأمين الأموال لمشروع الفيلا الكرواتية الخاص بهما بوسائل مشبوهة. ذكرت صحيفة “جازيت إكسبرس” البلقانية أنه في 15 أيار 2017، تم تسريب رسالتين كتبهما نيس إلى رئيس كوسوفو هاشم ثاتشي عبر الإنترنت.

طالب نايس عبر الرسالة الأولى بدفع ما يقرب من نصف مليون يورو مستحقة له ولترومب مقابل دفاعهما عن ثاتشي ضد مزاعم الاتجار بالأعضاء في لاهاي الهولندية.

وبعد عدم تلقي أي رد، كتب نايس رسالة ثانية بنبرة أكثر تهديدا. وفي الرسالة، ذكّر نايس الرئيس بأنه استخدم نفوذه في محكمة لاهاي لمنع محاكمته بتهمة الاتجار بالأعضاء، على الرغم من الضغوط المستمرة التي كانت موجودة للقيام بذلك.

وأشار نايس أيضا إلى مساهمته وجهوده في تشويه تقرير السيناتور السويسري ديك مارتي حول تجارة الأعضاء من الصرب المختطفين في كوسوفو.

وتتابع الوثائق في الكشف عن أساليب نايس غير الشرعية في حصوله على الاموال, ويواصل الاعتراف بأنه على الرغم من كونه مدعيا عاما، فقد قدم معلومات سرية لفريق الدفاع التايلاندي، وهو ما قد يشكل إساءة استخدام إجرامية للسلطة. تم القبض على ثاتشي لاحقا في نوفمبر 2020 وهو محتجز حاليا في لاهاي بتهمة ارتكاب جرائم حرب، حيث تقوم نيس بالدفاع عنه.

ويكمن بيت القصيد في أن الوثائق المسربة ترسم صورة لشخص يفتقد أدنى صفات الرجولة، وهي صورة مختلفة تماما عن الصورة المنتقاة بعناية لجيفري نايس كمدافع أخلاقي عن حقوق الإنسان.

رجل يخون زوجته مع مساعدته في انتهاك صارخ لمنصبه المتميز في السلطة ويساعدها في التستر على اختلاس الأموال. وعلى استعداد لبيع مهاراته القانونية لأي شخص يدفع، ويدافع عن جرائم الحرب من ناحية، ويطلق الاتهامات ضد العدو السياسي للغرب من ناحية أخرى.