أبناء سورية الذين بدؤوا ينفضون عنها آثار الحرب والإرهاب ويصنعون الحياة من حولهم على طريقتهم وجدوا في الأنفاق التي حفرها الإرهابيون تحت الأرض في الغوطة الشرقية مكاناً لنشر الفن والإبداع السوري وليرى العالم الصورة الحقيقية للسوريين عبر عمل نحتي ضخم ومنوع.
ويفضل معلا خلال حديث لـ سانا أن يعود إلى الماضي القريب لتجربته، مبيناً أنها بدأت شتاء 2017 عندما كان جنودنا البواسل يتصدون لاعتداءات الإرهابيين المتكررة على أحياء دمشق من محور جوبر فنفذ عملين أولهما من وحي تضحيات رجال الجيش والثاني بدافع شخصي بحت حيث حظيت هذه التجربة بالتشجيع والرعاية وحققت شعبية لدى متتبعي صفحات التواصل الاجتماعي.
ويوضح معلا طبيعة الخامة المستخدمة في النحت بالأنفاق وهي التربة الصخرية التي تعتبر أصعب في عمليات التنفيذ من الرمل والصلصال وأسهل من الصخر والحجر، مبيناً أن العمل على هذه الخامة يصنف ضمن أسلوب النحت المباشر عبر تقليص الكتلة الموجودة ولا يمكن للفنان بعد أن يشتغل عمله أن يعدل عليه.
ولأجل تحقيق هذه الغاية تواصل معلا مع نحو 60 نحاتاً عبر صفحات التواصل الاجتماعي الذين أرسلوا له صوراً من أعمالهم فوجد أن لدى بعضهم تجارب قريبة مما يشتغل عليه فاختار 18 فنانا منهم على رأسهم مدرس النحت الفنان أنس قطرميز ليشكلوا معا فريقا واحدا تحت اسم “آرام” كناية عن العمق الحضاري السوري.
وعمل معلا بالتعاون مع قطرميز على وضع خطة عمل مشتركة للفنانين المختارين وتقسيمها فيما بينهم وتحديد الأفكار الرئيسية عن الأعمال التي تتمحور حول تضحيات جيشنا الباسل وأم الشهيد وتاريخ سورية القديم والجندي المجهول ثم تمت دعوة هؤلاء الفنانين إلى النفق الذي سيتم خلاله تنفيذ العمل في حي جوبر.
ويشير معلا إلى أن الفريق يضم طلاباً من كلية الفنون الجميلة ومن مركز أحمد وليد عزت إضافة الى فنانين هواة وجميعهم يمتلكون مواهب حقيقية.
واستمر العمل في هذا النصب كما يحب معلا تسميته 20 يوما على مساحة تصل إلى 80 مترا مربعاً تحت الأرض ولأن عدد المنحوتات التي صنعها الفنانون المشاركون كثير يصعب إحصاؤه، مؤكداً أن العمل ككل بوسعه البقاء لمئات السنين إن لم يتعرض لإيذاء مباشر حيث صمم بطريقة تقاوم الظروف فضلا عن كونه معزولا عن الهواء والشمس.
ويطمح معلا بأن يتحول فريق آرام الى جمعية فنية مرخصة مع تنفيذ أعمال أخرى جماعية ولكن فوق الأرض ولا سيما أن الفريق باتت لديه قدرات لتنفيذ أعمال أكثر ضخامة وتنوعاً.
ويؤكد قطرميز أن الهدف الرئيسي من العمل أن يعبر فريق آرام عن تضحيات الجيش العربي السوري وبطولاته وانتصاراته وعودة الحياة إلى مدينة دمشق التي عانت لسنوات من ويلات الحرب.
ويلفت إلى أنه لم تتم إضافة أي مادة أخرى خلال تنفيذ الأعمال إلى التربة بسبب تماسكها كونها تقع في مستوى منخفض من الأرض ما جعلها مرصوصة وقاسية.
ولكن الصعوبة التي لاقت المشاركين بحسب المشرف على المشروع تكمن في تباين التربة من القساوة للطراوة ما جعل لكل منطقة أدواتها الخاصة بها وصار أي خطأ يقع فيه الفنان لا يمكن إصلاحه فعمل الفريق بتأن وهدوء شديدين.
ويلفت إلى أن التجاوب الكبير الذي لمسه الفريق من الشارع السوري ومحبة أعضائه وتفاعلهم مع العمل جعلت من إمكانية تكرار الفكرة أمراً وارداً لتنفيذ مشاريع مستقبلية لأعمال فنية يعمل عليها الفريق بالمحبة والروح الوطنية نفسهما.