القاضي الشرعي: لا يصح حبس من كان زواجه صحيحاً ولو عرفياً

أثار مشروع قانون تعديل مواد في قانون العقوبات العام _و القاضي بفرض عقوبة الحبس من عشرة أيام إلى ستة أشهر على كل من يعقد زواجاً خارج المحكمة سواء أكان المتعاقدين (الزوجين) وممثليهم والشهود المختصة قبل إتمام المعاملات التي ينص عليها قانون الأحوال الشخصية_ ضجة كبيرة لدى شرائح المجتمع السوري..
وللوقوف على تفاصيل أوفى كان لقاء خاص مع القاضي الشرعي الأول في دمشق محمود المعراوي فكان لنا الاستيضاح الآتي:
*هل برأيك مشروع القانون موافق و مطابق للرؤية الشرعية ؟
-الموضوع لا علاقة له بالناحية الشرعية فهو لا يتناول صحة العقد وبطلانه وفساده ، انما يتحدث عن عقوبة الزواح العرفي وهو امر يتعلق بتنظيم امور الدولة والمجتمع على حد سواء سعياً لضبط الأمور في الأطر القانونية علماً أن العقوبة لعاقدي الزواج العرفي ليست بجديدة ، حيث كانت لا تتعدى الغرامة من 100 الى 250 ل.س للعقد العرفي الواقع خارج المحكمة لكن النص السابق كان يخلط بين العقد الصحيح والعقد الفاسد حيث كانت العقوبة ذاتها لكلا العقدين .
أما في العقد الباطل كانت العقوبة الحبس حتى السنة وهذا الأمر خاطئ ، فلا بد من ان تكون عقوبة العقد الباطل مشددة أكثر منعاً لحدوثه ، بينما يجب ان تكون عقوبة العقد الفاسد بحدود الوسط ، وفيما يتعلق بالعقد الصحيح الذي لا يحمل اي اثار اجتماعية خطيرة انما تعد الغرامة امر كافي لهكذا فعل… ” كعقد تم بموافقة الولي وبإرادة الفتاة وبحضور شاهدين وكل الامور سليمة دون وجود اي اشكال بمعنى انه صحيح شرعا وقانوناً حسب قانون الأحوال الشخصية فهذا لا يتعدى (اي اجراء العقد خارج المحكمة الشرعية) مخالفة التعليمات الادارية وهذا الامر لا يستوجب الحبس .. إلا أن وضع عقوبة الحبس للعقد الصحيح يعتبر أمر خاطئ من وجهة نظري ، مثله كذكر كلمة “شيخ” التي لا يحتاج اليها عقد الزواج في الشريعة الاسلامية فالأمر أبسط من هذا ولا يحتاج سوى موافقة الطرفين بتمام توافر شرط عزوبية الفتاة ووجود شاهدين .
*هل ينافي العقد العرفي الزواج الصحيح ؟
-العقد العرفي قد يكون صحيحاً ، فاسداً أو باطلاً… اي ان عقد زواج القاصر من غير موافقة ولي الأمر فهذا يستدعي تشديد العقوبة و هذا يختلف عن عقد زواج فتاة كاملة الأهلية وبحضور ولي أمرها وبموافقتها وبحضور الشاهدين هنا العقد تتوفر فيه الاركان والشروط القانونية ولا يستوجب سوى الغرامة المالية ، فيما لا بد من تشديد العقوبة على العاقد والزوج والزوجة وولي الامر والشهود أيضاً في حال علمهم بعقد المعتدّة قرانها في فترة العدة الشرعية فحالة هكذا عقد ستزيد من حالات الطلاق سيما وأن المحكمة الشرعية ستحكم بالمتاركة أي فسخ عقد الزواج لفساده.
وتبدو المشكلة الأصعب في العقد الباطل المتمثلة بزواج متزوجة _لا زالت على عصمة زوجها _ بآخر من خلال عقد عرفي وهنا لا بد ان تكون العقوبة مشددة حيث تصل الى الثلاث سنوات ،فقد شهدت المحكمة الشرعية حالات عدة مشابهة ناشئة عن العقود الفاسدة والباطلة أما العقود الصحيحة الجارية خارج المحكمة ممكن تثبيتها حسب القانون .
وهنا لا بد من الاشارة الى أن الاعتراض فقط على عقوبة الزواج الصحيح بحيث لا يصح فرض عقوبة الحبس عليه وذلك لوجود امور الزامية من الناحية العملية تفرض نتيجة الظروف الراهنة اجراء عقد عرفي وتتمثل احداها بوجود الراغب بـ الزواج خارج القطر وارساله الوكالة التي قد تتحدد بعدم الموافقة ما يمنع تصديقها وهنا يضطر الشاب الى اجراء العقد العرفي ، لذلك لابد من الغاء تصديق وكالات الزواج والا سيؤدي الأمر لضياع حقوق الأولاد والزوجة على حد سواء .
ومن ناحية أخرى لا يمكن تجاهل موضوع رخصة الزواج التي تتطلب موافقة شعبة التجنيد الأمر الذي يضطر الشباب للجوء الى العقد العرفي .
*هل برأيك من الممكن الغاء موضوع العقد العرفي او احكام الطوق عليه على أقل تقدير ؟
*نعم انا مع الغاء العقد العرفي حتى لو كان صحيحاً ان امكن ذلك .. لكن هذا الامر يتطلب تسهيل وتذليل الأمور بالمقابل بحيث لا يجد الشاب الراغب بالزواج اي عوائق تقف في وجهه ، لكن هناك أكثر من 50% من عقود الزواج تتم من خلال الوكالات وأكثر من 50% من هذه الوكالات تأتي مع عدم الموافقة وهذا يبيّن ان ما يتم في المحكمة بموجب الوكالة ما هو الا جزء بسيط من العقود المرسلة من الخارج الغيرحاصلة على الموافقة مما يضطر الكثير للجوء الى العقد العرفي .
*هل من الممكن أن يحمل القانون اثر رجعي (بحال اقراره) في ظل امكانية التلاعب بتاريخ العقد العرفي ؟
-لا فالقوانين الجزائية خاصةً تطبق من تاريخ صدورها او نفاذها ومن ناحية التلاعب بالتاريخ فهذا الأمر وارد وهنا سيكون دور المحكمة التأكد من تاريخ العقد خصوصا في حال وجود طفل لا بد من مضي 6 اشهر على الاقل بين الزواج والولادة اضافة لسماع الشهود وامور اخرى في هذا السياق.
المصدر: صاحبة الجلالة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى