33 بالمئة من النازحين لا يرغبون بالعودة!

تكشف الدراسات الميدانية، التي جرت على العائلات السورية النازحة داخلياً، أن طول فترة النزوح جعلت 33% من النازحين يتجهون للاستقرار في أماكن إقامتهم الحالية.
وبالمقابل، فإن 62% لا يزالون يرغبون بالعودة إلى منازلهم ومكان إقامتهم الأصلية. ورغبتهم هذه تبقى رهناً باستقرار الوضع الأمني، وعودة الخدمات الأساسية للمناطق الخارجة من دائرة المعارك.
إذاً النسبة الكبرى من العائلات النازحة عن منازلها ومناطقها ترغب بالعودة لأسباب اقتصادية واجتماعية عديدة، لكن موعد تنفيذ هذه الرغبة تختلف حسب الظروف والأوضاع الخاصة والعامة..
لذلك فإن جل اهتمام المؤسسات والجهات الحكومية يجب أن ينصب أولاً على توفير المقومات المشجعة لتنفيذ تلك الرغبة، فإذا كانت الحكومة تستطيع إلزام موظفيها النازحين بالعودة، فإنها لن تنجح بفعل ذلك مع باقي العائلات النازحة، إلا إذا تمكنت من إقناعها بجاهزية المناطق اقتصادياً وخدمياً..
وربما ما يحدث في ملف نازحي محافظة دير الزور خير مثال..
فمطالبة الوزارات والجهات الحكومية بعودة موظفي فروعها في المدينة المنكوبة، يقابله رأي عام رافض لتلك الخطوة، مستند في موقفه هذا على جملة عوامل ومبررات، يمكن اختصارها بالنقاط التالية:
-القناعة بعدم جاهزية المدينة لاستيعاب المزيد من السكان، ومهما قالت محافظة دير الزور إن الخدمات متوفرة، فإن المواطنين المقيمين في المدينة يتحدثون بغير ذلك.
-الدمار الهائل في المدينة، بحيث أن الأحياء السليمة هي تلك التي بقيت تحت سيطرة الدولة وعددها لا يتجاوز ثلاثة أحياء، وهي غير قادرة على استيعاب جميع العائدين…!!.
-اضطرار كثير من المواطنين لبيع ممتلكاتهم من منازل وسيارات وأراض لدفعها كرشاوى للخروج من المدينة أيام الحصار المشؤوم… فإلى أين سيعود هؤلاء؟.
-ارتباط كثير من العائلات النازحة بظروف معينة، فهناك عائلات لديها أبناء في الجامعات، وهناك عائلات دفعت مقدما مبالغ كبيرة أثناء توقيعها عقود إيجارات المنازل التي تقيم فيها…الخ.
وعليه فقد كان من الطبيعي أن يتعرض قرار الحكومة بإعادة موظفي المؤسسات والجهات العامة إلى مدينة الدير لانتقادات وردة فعل غاضبة، والأفضل لو أن تنفيذ القرار تم على مراحل زمنية متناسبة مع توسع دائرة الخدمات المقدمة، وتدعيم قدرة المدينة على استقبال المزيد من أبنائها العائدين…
فمثلاً…
هناك ما يزيد على 11 ألف مدرس ومعلم اضطروا للنزوح من الدير خلال سنوات الحصار، وهم موزعين على مدارس المناطق المقيمين فيها مؤقتاً..
ومديرية تربية دير الزور أعلنت أن حاجتها من كل اختصاص تصل إلى 40 مدرس، أي ما يقرب من ألفي مدرس إذا اعتبرنا أن هناك 50 اختصاصاً في مدارس المدينة.. اذا هناك نحو 9 آلاف مدرس لا عمل لهم اذا ما أجبر جميع المدرسين والمعلمين على العودة إلى المدينة…!!.
أي أن 9 آلاف عائلة ستعود لتواجه صعوبات الحياة ومحدودية الخدمات، وتسهم بشكل أو بأخر بالضغط على مرافق المدينة الخدمية..!!.
وحال التربية يكاد ينطبق على جميع مؤسسات وجهات الدولة..
لذلك قلت سابقاً إن الموضوع بحاجة إلى هدوء ومزيد من الوقت لمعالجته بما يضمن عدم التسبب بمزيد من المعاناة للمواطنين، إذ يكفيهم ما عاشوه من ظروف الحصار القاسية ومعاناة النزوح..
وبثقة يمكن القول إنه عندما تتوفر الخدمات وتتحسن ظروف المعيشة في أي منطقة محررة من سيطرة الإرهاب، فإن المواطنين المهجرين والنازحين سيعودون إليها من دون أي قرار.. فلا أحد يرغب بالبقاء بعيدا عن منزله ومنطقته.
المصدر : سيرياستيبس

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى