Site icon موقع مراسلون

لماذا قرر بوتين سحب القوات الروسية من سوريا ؟

روسيا ربحت الحرب على “داعش” في سوريا، إلا أن نصرها هناك لن يكون الأخير على ما يبدو، حيث أن خصمها الرئيس في المنطقة لا يزال مكشّرا عن أنيابه ومستعدا لمواصلة القتال.

قرار موسكو سحب قواتها، خطوة أولى على طريق حرب جديدة ستربحها بلا قتال، ففي سوريا حشد كل من أطراف المواجهة حلفاءه وصاغ منهم فصائل مسلحة وشكّل لهم هيئات ومرجعيات سياسية.

كما دأب كل من أطراف المواجهة على تزويد حلفائه بالسلاح، ودرّب لهم قواتهم وغطى نشاطهم في المحافل الدولية، إلا أنه ورغم هذا الحشد والدماء التي أريقت في سوريا، استطاعت الدول المتنفذة تفادي المواجهة المباشرة على أرض سوريا.

هذه الهيكلية التي ترسخت على الأرض في سوريا بقيت ماثلة وأثبتت نجاعتها حتى إعلان القضاء على تنظيم “داعش” عدو الجميع المشترك هناك، وانعدام المسوّغ الذي منع حلفاء واشنطن وموسكو من الالتحام وجها لوجه في سوريا، الأمر الذي يحمل على التساؤل في ظل الوضع الجديد: إلى أين ستسير الأمور الآن؟

المواجهة لم تنته

المسوّغ الرئيس الذي مهّد لاندلاع الحرب في سوريا لم يختف، لكنه وضع على الرّف طيلة العامين الماضيين، وهذا يعني أن أطراف النزاع سوف تعود إلى المواجهة من جديد، مواجهة من نوع آخر تتمثل في تطويع إرادة الخصم دون قتال.

الأكراد الموالون لواشنطن، والفصائل العربية المنضوية تحت لوائهم في إطار ما يسمى بـ”اتحاد قوات سوريا الديمقراطية”، أضحوا اليوم في وضع لا يحسدون عليه، حيث سيضطرون إذا ما تخلت عنهم واشنطن طوعا أو عنوة، إما للاستسلام بلا قتال، أو لخوض حرب خاسرة محسومة لصالح الجيش السوري وحلفائه الذي لن يواجه أي عناء في القضاء التام والسريع عليهم.

فالأراضي الخاضعة اليوم لسيطرة اتحاد العرب والأكراد المذكور، مطوّقة من جميع الجهات، وتقع في مرمى نار خصوم أشداء هم تركيا وإيران وسوريا، ومرمى نار من أيضا؟ مرمى نار القوات الروسية في حميميم!

أمامكم خيار سيء وآخر سيء جدا!

وإذا ما اندلعت المواجهة بين قوى هذا الاتحاد ومحيطه، فإن تركيا ستكون مستعدة على الفور لإغلاق أجوائها أمام أي إسناد جوي أمريكي للأكراد، الأمر الذي سيعني لهم ولحلفائهم هناك “صدور حكم الإعدام بحقهم”.

ومما يعزز جدية خصوم “اتحاد قوى سوريا الديمقراطية”، ما أكدته طهران مؤخرا حول “قرب زحف الجيش السوري والقوات الحليفة على الرقة وتحريرها”.

واستنادا إلى هذا المشهد، تكون استراتيجيا طرد الولايات المتحدة من المنطقة قد صارت في طور الصياغة، حيث سيوضع اتحاد القوى المشار إليه أمام خيارين اثنين لا ثالث لهما. الأول خيار سيء، والثاني سيء جدا، وسيقال له إن العقبة الوحيدة الكأداء على طريق الاستقرار في المنطقة هي القوات الأمريكية المتحالفة معكم.

موسكو وواشنطن من سيزيح من؟

الولايات المتحدة صارت على يقين تام بضعف مواقعها في سوريا، وتدرك جيدا أن مواقعها سوف تضعف أكثر مع الوقت فيما موسكو مصممة على موقفها حتى النهاية، ولن تنسحب من اللعبة المتمسكة بربحها بفارق كبير.

واشنطن من جهتها في ظل وضعها الذي لا تحسد عليه الآن في سوريا، سوف تجهد بكل ما ستؤتى من قوة لخلق الظروف التي ستسوغ بقاءها في سوريا لأطول أمد ممكن، وستماطل حتى تتمكن من وضع خطة جديدة، أو يتغير الوضع في صالحها.

وبذلك، يكون قد اتضح السبب من وراء قرار الرئيس الروسي سحب قواته الجزئي من سوريا ليدخل الولايات المتحدة في مأزق لا تحسد عليه، ويثير بذلك السؤال لدى الجميع عن المبرر لبقاء القوات الأمريكية في سوريا، ويؤكد أن انسحاب روسيا ليس إلا خطوة أولى نحو حرب جديدة لن يتم الإعلان عنها أبدا.

المصدر:  topwar.ru

Exit mobile version