تحرير الغوطة…تفاؤل في الوسط الزراعي والصناعي بانخفاض الأسعار

مع بدء تواتر الأخبار المتسارعة باتساع رقعة سيطرة الجيش العربي السوري على قرى وبلدات الغوطة، تحيا الآمال بانعكاس هذا الإنجاز المهم على الصعيد الاقتصادي وتحديداً معيشة المواطن، ولاسيما أن الغوطة تعد الخزان الغذائي لدمشق، بشكل سيترك أثره الإيجابي في تخفيض أسعار السلع تدريجياً، ولاسيما إذا ترافق ذلك مع سياسة نقدية مستقرة تضمن تقوية شوكة الليرة واستعادة بعض قوتها، وهذا لن يتحقق، كما يرغب السوريون جميعاً، إلا عند اتخاذ إجراءات استثنائية تضمن إعادة تشغيل المنشآت الصناعية والحرفية وإعادة زراعة أراضيها الخصبة في أسرع وقت ممكن، بغية إنتاج سلع معقولة السعر تطرح على نحو يكفي حاجة الأسواق ويكسر احتكار وتحكم بعض التجار بالأسواق، فهل ستبادر الجهات المعنية إلى إعداد خطة مدروسة بدقة لضمان استثمار نصر الغوطة على نحو مجدٍ اقتصادياً يسرع وضع منشآتها الحرفية والصناعية في الخدمة لتحقيق الفائدة المرجوة للاقتصاد والمواطن؟.
عودة الحرف الصناعية
نصر الغوطة القريب بعد استعادة جيشنا نسبة 70% من قراها وبلداتها نظر إليه بعين التفاؤل الاقتصادية، التي وصلت إلى حد توقع حصول انفراج ليس ببعيد، أقله على صعيد تخفيض أسعار السلع عند عودة ضخ الغوطة منتجاتها في الأسواق، وهذا يتطلب ورشة عمل فعلية تضمن إنعاش جيوب المواطن والاقتصاد المحلي، وهو ما يشير إليه د.سنان ديب- الخبير الاقتصادي عبر تأكيده أن استرجاع أي منطقة يعطي مؤشراً إلى قوة الدولة، ولاسيما في ظل اتساع رقعة المناطق الآمنة، فكيف إذا كانت هذه المنطقة هي غوطة دمشق، التي يعطي استرجاعها ثقة أكبر بقرب الحل النهائي، وتالياً يشجع أكثر على الاستثمار وعودة الأموال والكفاءات المهاجرة، كما أن عودة الحياة الطبيعية إلى ربوعها مع رجوع الأراضي الزراعية والمهن والحرف التي كانت منتشرة كصناعة الأثاث المنزلي وغيرها سيحدث فرقاً اقتصادياً واضحاً.
تنشيط السياحة الداخلية
ولم ينس د.سنان أن عودة الأمان إلى الغوطة سيؤدي إلى تنشيط السياحة، عبر إعادة الحياة إلى دمشق القديمة بشكل سيؤدي إلى تنشيط السياحة الداخلية، ويزداد الأمر تحسناً عند استرجاع الأمن إلى الأوتوستراد الدولي من جهة حرستا، ما يوفر الكثير من الوقت ويعيد النشاط التجاري والصناعي للجهة المقابلة، لذا ستسهم حركة التنقل في تنشيط السوق ورفد سوق العمل بعمالة جديدة كانت محاصرة، ليبدي تفاؤله الواضح بأن نصر الغوطة سيكون له أثر كبير عبر زيادة النشاط التجاري والصناعي على مستوى سورية بشكل كامل وتشجيع عودة الأموال والاستثمارات والكفاءات في دمشق وريفها.
برنامج واضح
لكن تحقيق هذه الأهداف الاقتصادية المهمة بشكل يضمن استثمار إنجاز الغوطة على نحو فعلي، ولاسيما عند استعادتها كاملة، يفرض اتخاذ إجراءات مدروسة وواقعية، كما يؤكد الخبير الاقتصادي د.سنان ديب الذي شدّد على وجوب إعداد برنامج واضح متضمن توزيع الحرف والحيازات والتهيئة لآلية الدعم والتعويض للإسراع في عودة أهلها، والانطلاقة السريعة بالعمل لاستثمار هذا النصر المهم، لافتاً إلى أن موضوع الاستثمار الزراعي أسهل من غيره لكونه مرتبطاً فقط بتسهيل الإجراءات والخلاص من الروتين والتعقيدات الإدارية، لافتاً إلى أن وضع حلب مختلف كلياً عن وضع الغوطة لكون حلب كانت مشلولة وبحاجة لجهود كبيرة لاستثمار نصرها الكبير، في حين أن إعاد إعمار الغوطة أسهل لأنها تضم حرفاً ذات تكلفة مالية صغيرة.
خزان دمشق الغذائي
تشكل غوطة دمشق خزان أمن غذائي لسكان العاصمة، إضافة إلى دورها في تحريك عجلة الاقتصاد السوري عبر تشابكات التبادل التجاري بينها وبين الأسواق المحلية والخارجية، حسبما يقول المستشار الفني في اتحاد الغرف الزراعية المهندس عبد الرحمن قرنقلة، الذي أكد أن المنتجات الزراعية للغوطة تميزت بتنوعها الكبير من الخضر والفواكه، حيث شكلت نوعاً من الاكتفاء الذاتي لسكان دمشق، وتالياً عند عودتها على نحو كامل سيضمن ذلك توفير السلع على نحو مقبول يكفي العاصمة ويسهم في تخفيض الأسعار على نحو تدريجي، لافتاً إلى أن أهالي الغوطة، تراكمت لديهم خبرات ومعارف هائلة في كل العمليات الزراعية والتصنيع الزراعي، كما أثبتوا براعتهم في تربية الحيوانات وامتهانها.
التأثير ليس سريعاً
وبيّن قرنقلة أن فلاح الغوطة لا يترك أرضه خالية على مدار العام، حيث يقوم بزراعتها باستمرار، لذا كانت منتجات الغوطة توفر حاجات سكان دمشق ومحافظات أخرى من السلع الزراعية، فضلاً عن تصدير كميات كبيرة من السلع، بدليل أن أسواق أكثر من 230 دولة في العالم تشهد على أهمية صناعاتها الزراعية، لذا من المتوقع، عند عودة الأمان إلى ربوعها، أن ترجع إلى تزويد دمشق والمحافظات الأخرى بالسلع الغذائية والصناعية بشكل ينعكس إيجاباً على الاقتصاد المحلي، ولاسيما عند معرفة أنه في الغوطة وحدها توجد أكثر من 58 وحدة تصنيع للمنتجات الزراعية وأكثر من 85 وحدة وورشة لتصنيع الألبان، وعودتها إلى دائرة الإنتاج ستؤدي إلى تخفيض أسعار هذه المنتجات لكن قرنفلة يؤكد بناء على نظرة واقعية أنه لن يكون هناك تأثير سريع في الأسعار، ولاسيما عند معرفة أن قسماً من منتجات الغوطة كان يصل إلى سوق الهال، كما أن هناك قسماً كبيراً من سكان الغوطة موزعون إما في دمشق أو في المحافظات الأخرى ويحتاجون بعض الوقت للعودة إلى أراضيهم.
الصناعيون منتظرون!
تضم غوطة دمشق مئات الورش والمعامل التي تصنع مختلف الأصناف، لكنها تضررت على نحو كبير جداً تسبب في خروج نسبة كبيرة منها من الخدمة نهائياً، ما ترك أثره السلبي في الصناعة المحلية، وتالياً في المواطن، عبر رفع أسعار منتجات هذه السلع بسبب عدم وجود كميات تكفي حاجة السوق، لكن مع بدء عودة الغوطة كاملة بدأت الآمال تنتعش في نفوس الصناعيين والحرفيين بالعودة إلى منشآتهم، وهنا أبدى رئيس غرفة صناعة دمشق وريفها تفاؤله سامر الدبس بعودة الكثير من المنشآت الصناعية عند قيام الجيش العربي السوري بتحرير المنطقة كاملة بتأكيد على أن الصناعيين ينتظرون تحرير الغوطة بالدقيقة، معبراً عن همة الصناعيين إلى إعادة إقلاع منشآتهم بقوله: نحن مثل الجراد، متى أعلن جيشنا تحرير أي منطقة سنكون جاهزين للبدء في اتخاذ الإجراءات اللازمة لعودة الصناعيين إليها، لافتاً إلى وجود مئات الصناعات في هذه المنطقة المهمة سواء في، وينتظر صناعيوها السماح لهم بالعمل على تجهيزها، مشيراً إلى أن إعادتها بعد فترة ستنعكس على تحسين واقع الصناعة المحلية وتخفيض الأسعار.
تشرين

قد يعجبك ايضا