الموز المهرب يكتسح الأسواق بأسعار مرتفعة

ارتفع سعر الموز أضعاف سعره مغرداً خارج سرب جيب المواطن بعد الانتهاء من موجة التطبيل بانخفاض سعره فترة قصيرة عند استيراد كميات محدودة من الموز اللبناني، الذي غاب كلياً عن السوق المحلية، ليحل محله الصومالي، تهريباً على «عينكم يا مسؤولين»، الذين يغضون النظر عن انتشاره الواضح في الأسواق بداعي ضرورة توفيره بالأسواق، وهنا يحق لنا التساؤل عن مبررات عدم السماح باستيراده بطرق نظامية بدل إعطاء الضوء الأخضر للمهربين للقيام بأفعالهم في وضح النهار من دون خوف من العقاب والمحاسبة، مضيعين ملايين الليرات على الخزينة مع مضاعفة الأسعار على المواطنين.
لجنة ثلاثية
انتشار الموز الصومالي في الأسواق المحلية وبيعه بأسعار مرتفعة لم يستفز الجهات المعنية إلا مؤخراً، ويدل بصورة أو أخرى على قبول تهريبه بوضح النهار من دون الاكتراث بارتفاع سعره بشكل يفوق قدرة المواطن الشرائية، الأمر الذي اضطرهم إلى فتح أعينهم بعد أن كانت ألسنتهم تتغنى بانخفاض سعره عند استيراد كميات قليلة منه من لبنان، ليتم إغلاق باب الاستيراد مجدداً من دون وجود مبرر لذلك، وخاصة أن ذلك يمنع التهريب، ولا يشكل أي ضرر لأي سلعة محلية لكون سورية تعد بلداً غير منتج لهذه المادة، ما يجعل استيرادها أمراً ضرورياً لقطع دابر المهربين وسط تساؤلات عن السماح باستيراد سلع كمالية وأخرى لها منافس في السوق المحلية, في حين يتم الامتناع عن استيراد مثل هذه المادة الأساسية للكثير من السوريين.
مهرب حكماً
تنبه الجهات المعنية إلى وجود الموز المهرب أشار إليه معتز السواح عضو مجلس محافظة دمشق وعضو اللجنة الاقتصادية، الذي أكد تشكيل لجنة مشتركة من محافظة دمشق ووزارة التجارة الداخلية والجمارك، من أجل قمع ظاهرة تهريب الموز والوصول إلى منبع التهريب الأساسي، لافتاً إلى أنه بناء على النتائج، التي ستحققها اللجنة المشتركة بعد جولات على الأسواق سيتم وضع مقترحات للحد من هذه الظاهرة ورفعها إلى الجهات المعنية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لمنع تهريب الموز بصورة نهائية.
ولفت السواح إلى أن البداية ستكون من سوق الهال، على اعتبار أن كميات الموز الكبيرة تتمركز في هذا السوق، وبناء عليه سيتم تنظيم القضايا الجمركية ومصادرة البضاعة عند إثبات وجود أي مخالفة، الواقعة حكماً لأن معظم الموز مهرب وتحديداً من الصومال لكون الموز اللبناني غير موجود حالياً.
لا علم لنا!
تشكيل لجنة ثلاثية لمكافحة الموز المهرب نفى علمه بها مدير جمارك دمشق سامر سعد الدين، الذي اعتبر أنه في حال تشكيلها ستكون المهمة من اختصاص مديرية مكافحة التهريب في الإدارة العامة وليس جمارك دمشق، وذلك بموجب أمر «تحري» لدخول المحال التجارية، علماً أن الدوريات الجمركية لا تنتظر تشكيل أي لجان من أجل ضبط المهربات بما فيها الموز، الذي لا يوجد بكميات كبيرة في الأسواق، لافتاً إلى أن الدوريات الجمركية تمكنت خلال الفترة الماضية من ضبط سيارات خضر وفواكه متجهة إلى سوق الهال، بعد إخبارية حول ذلك تبين أنها تحوي «كراتين» من الموز والليمون المهرب، تمت تخبئتها داخل السيارة ضمن أصناف الفواكه الأخرى لكيلا يتم اكتشافها، لكنها كانت بكميات قليلة، ومع ذلك نظمت قضية جمركية بحق المخالف واتخذت الإجراءات القانونية بحقه.
حسام نصر الله مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في الوزارة نفى علمه أيضاً بتشكيل هذه اللجنة على اعتبار أن المديرية المركزية ممثلة بمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق هي المعنية بهذه المسألة، ليستدرك حديثه بالتأكيد على قيام دوريات حماية المستهلك بمراقبة الأسواق بصورة مستمرة، حيث يتم العمل على ضبط أي مادة «مجهولة المصدر» مع محاسبة المخالف في حال عدم امتلاكه بيانات للبضاعة التي في حوزته، مشدداً على وجود دوريات تموينية مستمرة في سوق الهال، إضافة إلى وجود دوريات وراء الدوريات الجوالة للتقليل قدر الإمكان من المواد المجهولة المصدر حسب تعبيره، مشيراً إلى أنه في حال وجود مخالفات لدى تجار الموز ينظم ضبط تمويني وتصادر الكميات المخالفة ويحوّل المخالف إلى القضاء بعد إرسال الضبط إلى الجمارك لاتخاذ الإجراءات اللازمة أصولاً.
عدم منح إجازات الاستيراد السبب؟!
تهريب الموز الصومالي وتمركزه في سوق الهال لم ينكره محمد العقاد أمين لجنة تسيير سوق الهال، بقوله: معظم الموز الموجود في سوق الهال مهرب حكماً، علماً أن عمليات التهريب مستمرة على مدار الأسبوع من دون توقف وخاصة أن المادة تعد أساسية لنسبة كبيرة من السوريين، ما تسبب بارتفاع سعرها الواضح، حيث تباع في سوق الهال بين 700- 800 ليرة، لتصل إلى المستهلك بحوالي 1300 ليرة عند باعة المفرق.
ولفت العقاد إلى أن السبب الرئيس لانتشار ظاهرة تهريب الموز الصومالي القادم من تركيا، يعود إلى امتناع وزارة الاقتصاد عن منح إجازات استيراد لهذه المادة، التي يجب فتح الباب لدخولها إلى السوق بشكل نظامي بدل تهريبها، ما يسهم في ضخ ملايين الليرات في خزينة الدولة وتخفيض أسعار هذه المادة باعتبار أن المنافسة بين التجار بدل تحكم تاجر واحد في استيرادها ستؤدي حكماً إلى إخراج المهربين من السوق.
وأشار العقاد إلى أن لجنة سوق الهال لا تقف مع المهربين، ولا تدافع عن أي تاجر لا يمتلك أوراقاً نظامية لبضاعته، حيث تسهم مع الدوريات الجمركية والتموينية في قمع ظاهرة تهريب الموز، واتخاذ العقوبات الرادعة بحق المخالفين، لافتاً إلى وجود دوريات باستمرار في سوق الهال لرصد عمليات تهريب الموز وملاحقة المخالفين.
ليس من اختصاصنا!
عودة تهريب الموز إلى الأسواق المحلية بعد توقف استيراده عقب الانتهاء من الكميات القليلة التي طرحت بأسعار مقبولة تناسب المواطن، يطرح جملة تساؤلات حول أسباب منع استيراد مادة أساسية لا يوجد لها مماثل في السوق, في وقت سمح باستيراد سلع تعد كمالية مؤخراً، وهنا حاولنا الحصول على إجابات لتساؤلاتنا عبر سؤال وزارة الاقتصاد عن أسباب عدم منح إجازات استيراد لهذه المادة حالياً، علماً أن محاولاتنا استمرت أكثر من أسبوع، لنقع في دوامة انشغال مسؤوليها ورفض آخرين الإجابة تحت مسوغات غير مقبولة, أولها أن الأمر ليس من اختصاص وزارة الاقتصاد، فبعد الحصول على الموافقة من المكتب الصحفي, كما أصبح لزاماً على الصحفيين أخذ بركته قبل نيل أي معلومة، لم نوفق في لقاء معاون وزير الاقتصاد بسبب الاجتماعات الكثيرة المزدحمة, مع العلم أنه أبدى موافقته الهاتفية على إجراء اللقاء حول هذه المسألة لكن الاجتماعات حالت دون التمكن من مقابلته، ليكون خيارنا الثاني مدير التجارة الخارجية في وزارة الاقتصاد، الذي رفض الإجابة عن تساؤلاتنا وتفضيل أخذ الموافقة من وزير الاقتصاد نفسه الذي كان يترأس وفداً حكومياً إلى إيران، أو الحصول على موافقة خطية وليست شفهية من المكتب الصحفي، معتبراً أن إجازات الاستيراد ليست من اختصاص وزارة الاقتصاد وإنما لجنة السياسات الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء من تحدد السماح بمنح إجازات استيراد الموز من عدمه، وبناء على قراراتها تنفذ وزارة الاقتصاد ما صدر عنها بهذا الخصوص.
تشرين

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى